النضال الأحوازي بين الصمود والذوبان!

لم تكن القضية الأحوازية يوما ما مجرد قضية سياسية عابرة، أو ورقة بيد هذا أو ذاك بل هي صراع وجودي يتعلق بنضال شعب عربي أصيل يتمسك بحقوقه، وقوة احتلال تسعى إلى طمس هويته. وفي هذه المرحلة الحاسمة، يتصاعد الصراع بين تيارين متناقضين: تيار يؤمن بالمقاومة والتحرير كطريق وحيد لاستعادة الحقوق، ويرى أن الحرية تُنتزع بالكفاح ولا تُمنح بمنحة المحتل، وتيار آخر يروج للاستسلام تحت شعارات “الواقعية السياسية”، بينما يمثل في جوهره امتدادًا لمشاريع الهيمنة الفارسية. والأخطر أن هذا التيار، بدلًا من الاعتراف بموقفه المتخاذل، يشن هجومًا على كل صوت مقاوم، متهمًا إياه بالتطرف أو الخيانة!
لقد أثبت التاريخ، قديمه وحديثه، أن الاحتلال لا يُهزم إلا بالمقاومة والصمود. فمنذ عام 1925، قدم الشعب الأحوازي تضحيات جسيمة في مسيرة نضاله، بدءًا من انتفاضة الغلمان عام 1928، مرورًا بانتفاضة نيسان 2005، ووصولًا إلى كفاحه المستمر حتى اليوم. ومع ذلك، تظهر بين الحين والآخر أصوات تحاول تشويه هذا الإرث النضالي، وتسعى إلى ترويج فكرة أن الاحتلال قدر لا مفر منه، وأن التحرر مجرد وهم!
هذه الأصوات ليست بريئة، بل هي جزء من مخطط ممنهج لترويض الشعب على القبول بالهزيمة. فبدلًا من الوقوف مع الحقوق المشروعة للأحوازيين، ينخرط هؤلاء في مشاريع تخدم أجندة المحتل، بل ويتجرأون على اتهام المناضلين بالخيانة، وكأن الدفاع عن الأرض وحق الشعب بالتحرر أصبح جريمة!
إن انتصارات الشعوب المستعمرة عبر التاريخ تؤكد أن طريق التحرر يمر حتمًا عبر المقاومة، وليس عبر الرهان على وعود المحتل أو التوسل لمعارضته التي لا تسعى إلا لاستلام الكرسي على حساب حقوق الشعوب ومطالبها. وما نشهده اليوم من محاولات لفرض خطاب الاستسلام عند بعض الأحوازيين في المنفى باسم العقلانية ليس إلا محاولة لتحويل القضية إلى ورقة مساومة في يد المعارضة الفارسية، التي لا تختلف في جوهرها عن النظام الحاكم في طهران. وهذا يستدعي مواجهة حازمة بكشف زيف هذه المشاريع، وفضح أدواتها، وإحياء الخطاب الوطني الذي يرفض الاحتلال جملة وتفصيلًا، ويدعو إلى تعزيز النضال بدلًا من الانخراط في ألاعيب السياسة الفارسية.
إن المرحلة الحالية تتطلب وضوحًا في المواقف، وشجاعة في التحدي. فليس هناك مجال للحياد أو المساومة؛ إما أن تكون في صف شعبك ومسيرته نحو الحرية، أو أن تكون بشكل مباشر أو غير مباشر، عونًا للاحتلال او داعما لمشاريع ومخططات المعارضة الفارسية.
حسن راضي
٣٠ مارس ٢٠٢٥