المضيف… رمز الضيافة في الأحواز في طريقه إلى الزوال وسط تجاهل متعمد

يُعد “المضيف” أحد أبرز الرموز الثقافية في الأحواز، ويجسد عمق الضيافة والهوية الأصيلة للشعب العربي الأحوازي. تُعد هذه المنشآت التراثية، التي تُصنع من القصب، وخشب النخيل، والحصير اليدوي، ليست مجرد أبنية، بل هي مرآة لثقافة متجذرة وعمق حضاري عريق .
في خطوة إيجابية قبل سنوات، أُنشئت ثلاثة مضايف في محيط موقع الزغورات الأثري، مما ساهم في تعزيز الهوية الثقافية وخلق فضاء اجتماعي وروحي للسكان والزوار. إلا أن هذه الخطوة لم تُستكمل، حيث تم تدمير مضيفين منها لاحقًا دون أي توضيح رسمي، بينما تُرك المضيف الثالث فريسة للإهمال، من دون صيانة أو حماية، رغم المناشدات والاحتجاجات المتكررة من الناشطين والمحبين للتراث .
الزوار، من مختلف الخلفيات، يُبدون إعجابهم بهذا الفن المعماري المميز، ولكنهم يصطدمون بحقيقة مرّة: انعدام أي اهتمام جاد للحفاظ على هذا الإرث الثقافي. فالمضيف، الذي كان من المفترض أن يكون جسرًا يربط الماضي بالحاضر، بات مهددًا بالاندثار .
ما يحدث اليوم لا يمكن تفسيره على أنه مجرد إهمال إداري بسيط، بل هو جزء من سياسة ممنهجة تنتهجها منظومة الاحتلال الإيراني ضد الشعب العربي الأحوازي، بهدف طمس هويته وتدمير معالمه الثقافية والتاريخية. فإيران، لا تكتفي بنهب الأرض والثروات، بل تسعى بكل وضوح إلى محو الذاكرة الجماعية للشعب الأحوازي، عبر تهميش رموزه التراثية وإهمالها عمدًا حتى تزول بصمت .
إن استهداف المضيف ليس استهدافًا لمجرد بناء تقليدي، بل هو عدوان مباشر على تاريخ وكرامة وهوية الإنسان الأحوازي، الذي ما زال متمسكًا بجذوره رغم القمع والتهميش والاضطهاد. لذا، فإن الحفاظ على التراث الأحوازي لم يعد خيارًا، بل هو واجب وطني ومقاومة حضارية في وجه مشروع الطمس الإيراني الذي يهدد كل ما تبقى من ذاكرة الأرض .